أفضل عمر للطفل الثاني: ليست سنتان ولا ثلاث!
يعتقد كثير من الأهل أن الفاصل الزمني المثالي بين الطفلين هو سنتان أو ثلاث، لكن الأبحاث تشير إلى أن الفاصل الأمثل يتراوح بين خمس وست سنوات. هذه الفترة ليست مجرد تأخير، بل استراتيجية ذكية تضمن استقرار الأسرة، صحة الأم، وسعادة الأطفال على المدى الطويل.
أظهرت دراسة شملت أكثر من 47 ألف عائلة أن الفاصل الزمني بين الطفلين يجعل الأسرة أكثر استقرارًا، والأم أكثر صحة، والأطفال أكثر سعادة. كان الأطباء في السابق يوصون بأن يكون الأطفال متقاربين في العمر، لكن البيانات طويلة المدى أظهرت أن الفواصل الأكبر تمنح نتائج أفضل على المدى الطويل. الحمل المبكر بعد الولادة يرهق الجسم بشكل كبير، ويؤدي إلى نقص الكالسيوم والحديد، التعب المزمن، وزيادة خطر الاكتئاب. بعد مرور خمس سنوات، يكون الجسم متوازنًا والهرمونات مستقرة، مما يجعل الأم مستعدة لحمل جديد دون استنزاف جسدي أو نفسي.
كما أظهرت الدراسات في علم النفس العصبي أن السنوات الأولى تشكل معظم شخصية الطفل. يحتاج الطفل الأكبر في هذه المرحلة إلى اهتمام الأم الكامل، وليس فقط إلى الألعاب. إذا وُلد الطفل الثاني قريبًا جدًا، تنقسم رعاية الأم، ولا يحصل الطفل الأكبر على الدعم الكافي. بعد خمس سنوات، يكون الطفل الأكبر عاطفيًا ونفسيًا أكثر نضجًا، وقادرًا على التعامل مع قدوم شقيق جديد.
علاوة على ذلك، تمنح الفجوة الزمنية الأكبر الطفل الأكبر فرصة ليكون مساعدًا وداعمًا لشقيقه الأصغر، ويشعر بالفخر بدوره كأخ كبير. أما الفجوة القصيرة، فتزيد من فرص الغيرة والنزاعات بين الأشقاء، إذ يكون أحدهما في مرحلة الرضاعة والآخر مستاء.
من الناحية المالية والنفسية، بعد خمس سنوات تستطيع الأم العودة إلى العمل، ويستعيد دخل الأسرة توازنه، ويصبح الأهل أكثر استعدادًا نفسيًا للتعامل مع تحديات الإنجاب الثاني. الفاصل الزمني الطويل ليس مجرد “توقف”، بل استثمار حقيقي في استقرار الأسرة.
كما أن الفجوة الزمنية الأكبر تساعد في تحضير الأسرة لمراحل المراهقة، إذ يكون الطفل الأكبر ناضجًا وقادرًا على مساعدة الأهل، ويصبح قدوة إيجابية لشقيقه الأصغر، بدلاً من أن يكون مصدر فوضى أو صراع.
باختصار، الفاصل الزمني بين الطفل الأول والثاني الذي يتراوح بين خمس وست سنوات ليس مجرد تأخير، بل خطة استراتيجية تعزز صحة الأم، نمو الطفل الأكبر، العلاقات الأسرية، والاستقرار المالي والنفسي للأسرة. اختيار هذا التوقيت يجعل تجربة الأبوة والأمومة أكثر سلاسة ومتعة، ويمنح الأطفال أفضل الفرص للنمو النفسي والعاطفي.
